في معنى أن تختار الرمادي

by - 12:43:00 ص








في معنى أن تختار الرمادي في زمن اشتد فيه صراع الأسود الحالِك والأبيض الساطع، نزاع بين الطرفين يضيع فيه ما دونهم، ما بين شدٍ وجذب كلٌ يؤمن بالحقيقة ويحتج بالمنطق، وما هي الحقيقة؟ وما معنى ذلك المنطق؟ 
رؤوس محشوة باللغو والمثاليات الزائفة متناسين أن حقيقتهم المزعومة هي ما يُصب في جانب مصلحتهم، وأن المنطق في ذلك يأتي تبعًا لما جاءت به قناعاتهم.. 

في زمن التطرف تجد نفسك واقعًا ما بين أحزاب متنافرة متأهبة لتطلق عليك أقسى أحكامها، وتنتهي بذلك موصومًا بعدة ألقاب، مصُنفًا تحت بنودهم، وكأنك منتج على رف.. يخشون تمردك، يخشون أن تبقى في الوسط فيصعب عليهم تحديد طريقة تعاملهم معك، يدعون بغضهم للعنصرية علنًا ويبنطونها في سرائرهم... 
فتتجلى في أبسط معاملاتهم...

سمعت مرةً : "خلقك الله بعشرين بصمةٍ مميزة، فلماذا تختار أن تكون نسخةً منهم؟" 
لما تختار أن تكون مرآة أرى فيك انعكاسهم؟ لما تُضيع نفسك بين الزحام؟ 

يحاولون بشتى الوسائل محي تفردك، حتى يخبو صوتك، حتى تمل المقاومة، حتى تبهت روحك، حتى يحل الليل ويتبدد النور تقفز إلى سريرك هربًا منهم، تتقلب على جانبيك فتجد نفسك في مواجهة شخص واحد فقط هو أنت، وحينها هل ستسمح بأن تكون مجرد مسخ؟ 

في واقع يُجهل فيه متى يتوجب التعبير عن الرأي ومتى لا، كلٌ يصادر رأي الآخر أو يفرض عليه معتقداته الشخصية، يكمم فاه ويصمه بالانحلال أو التخلف أو ما سوى ذلك من علامات، كأننا سُلطنا على بعض لنفرض صحة حقائقنا المطلقة.. 

 اختار الرمادي، اختار الوسطية، اختار الحياد! وأطالب بحقي كأي يافع لازل في أولى خطواته لاكتشاف الحياة، اختار الرمادي لأنها حيزي الوحيد الذي سأبني فيه رأيي الشخصي بعيدًا عن ذلك الجنون المتربص..

لأزهو فيه بلوني الخاص بلا علامات ولا تصنيفات، أنا كما أنا! 



You May Also Like

1 التعليقات

  1. قريت التدوينه ثلاث مرت من كثر ماحبيتها💖💖
    حسيت افكاري اللي مااقدر اشرحها تُرجمت لكلمات
    One of my favorite posts of yours💖

    ردحذف

Instagram